الحياة الروحية والمتاعب
كلما تقربت إلي الله ، ازدادت علي التجارب و المتاعب و الضيقات ، حتي سئمت الحياة ومللتها ، ولم أجد مخرجاً إلا بالابتعاد عن الله لكي استريح مثل سائر البشر المبتعدين ..! فما معني أن يأخذ مني الله هذا الموقف ؟
يجيب قداسة البابا شنوده الثالث، أطال الله حياته:
حينما تسيرين في طريق الله وتنمو حياتك الروحية ، حينئذ تحسدك الشياطين ، وتحاول ان تعبدك عن طريق الله ، بأمثال هذه المتاعب التي تصادفينها
فإن أبتعدت عن الله ، وتركت الطريق الروحي ، تكونين قد حققت للشيطان رغبته ، ويكون قد غلبك في المعركة .
اسمعي قول الرسول " لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير ".
إن قامت إليك المتاعب أتت بنتيجة عكسية ، فيتركك و يبحث عن وسيلة أخري . وثقي ان النعمة ستقف إلي جوارك وتسندك وتعطيك الغلبة . وهكذا ييأس الشيطان منك بدلاً من أن تيأسي أنت من مراحم الله . إن صبر الله وعدم تدخله لإنقاذك من بدء المتاعب ، إنما لاختبار قلبك ومدي تمسكه بالله …
ولا تظني ان المبتعدين عن الله يعيشون في راحة …
في داخلهم يتعبهم ولا يستريحون . وفي البداية سيعيشون في تعب دائم وعلي الأرض أيضاً الخطية تؤدي إلي متاعب كثيرة . وإن كانت هناك راحة فهي راحة زائفة …
وثقي أن كل تعب من أجل الرب له أجره هنا علي الأرض ، وهناك في السماء . حيث يأخذ كل واحد أجرته بحسب تعبه ( 1 كو 3) .
إن قصة الغني و لعازر المسكين تعطينا صورة واضحة عن هذا الموضوع . والسيد المسيح قال لنا " في العالم سيكون لكم ضيق ". ولكنه وعدنا بأنه حتى شعور رؤوسنا محصاة . ووعدنا بتعزياته الكثيرة ، وبأنه سيقودنا في موكب نصرته . ثم عليك أن تتفهمي جيداً أن المتاعب ليست من الله ، وإنما من الشيطان الذي يحسدك . ومعلمنا يعقوب الرسول يقول " لاتقل احد إذا جرب ، أني أجرب من قبل الله "( يع 1: 13) .
فهل تتركين الله الذي لم يتعبك ، وتنضمين للشيطان الذي أتعبك ؟ وتكونين كمن يعادي أصدقاءه ، ويصادق أعداءه ؟
لذلك احتملي ، وخذي بركة التعب و اكليله ، وثقي ان الله سيريحك ، لأنه قال " تعالوا إلي يا جميع المتعبين و الثقيلي الحمال ، وانا أريحكم ".. وقولي لنفسك : ما هي متاعبي إلي جوار تعب القديسين و الشهداء من اجل الرب ؟!